اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
212296 مشاهدة
تعريف القصاص وما يشترط في وجوبه

ويشترط في وجوب القصاص: كون القاتل مكلفًا، والمقتول معصومًا، ومكافئًا للجاني في الإسلام، والرق والحرية، فلا يقتل المسلم بالكافر، ولا الحر بالعبد، وألا يكون والدًا للمقتول، فلا يقتل الأبوان بالولد.
ولا بد من اتفاق الأولياء المكلفين، والأمن من التعدي في الاستيفاء.


قوله: (ويشترط في وجوب القصاص كون القاتل مكلفا):
لما انتهى من الدية انتقل إلى القصاص.
والقصاص هو: أن يقتل القاتل بمن قتله فلا بد أن يكون القاتل مكلفًا، فإذا كان القاتل مجنونًا أو صبيًّا فلا قصاص عليه، وإنما فيه الدية.
قوله: (والمقتول معصوما):
أي: معصوم الدم، فإذا كان المقتول حربيًّا وقتله فلا قصاص، أو قاطع طريق وقتله لقطع طريق، أو زانيًا محصنًا قتله فليس بمعصوم.
قوله: (ومكافئا للجاني في الإسلام، والرق والحرية... إلخ):
لا بد من المكافأة للجاني في الإسلام والرق والحرية، فلا يقتل المسلم
بالكافر؛ لأنه ليس كفئا له، ولو كان ذميًّا ولو كان معاهدًا ولو كان مستأمنًا، فإذا قتل مسلم أحدَ الكفار ففيه الدية والكفارة، وليس فيه قصاص؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث علي: وألا يقتل مسلم بكافر .

وكذلك لا يقتل الحر بالعبد؛ وذلك لأن العبد متقوم ففيه قيمته، فإذا قتل العبد فإن سيده يطالب بالقيمة، لكن يجوز قتل القاتل تعزيرًا وعقوبة.
قوله: (وألا يكون والدا للمقتول... إلخ).
يعني: لا قصاص ولا قتل لوالده الذي قتله ولو عمدًا.
وقد ورد في قصة قتادة المدلجي أنه قتل ولده ولم يرثه ولم يقتله عمر به، وكذلك الأم والجد والجدة لا يقتل كل منهم بولده أو بولد ولده؛ لهذا الحديث ولا يقتل والد بولده .
قوله: (ولا بد من اتفاق الأولياء المكلفين):
فإذا كان أولياء المقتول خمسة رجال وخمس نساء، إحداهن قالت: أنا قد عفوت عن نصيبي لا أريد القصاص؛ سقط القصاص، ولو لم يكن لها إلا سهم من خمسة عشر سهمًا، أو قالت: أنا أريد حقي من الدية؛ سقط القصاص.
أما إذا اتفقوا كلهم رجالهم ونساؤهم على طلب القصاص، فإنه يقتص منه.

قوله: (والأمن من التعدي في الاستيفاء):
فإذا كان القاتل امرأة حاملاً فلا تقتل حتى تضع؛ لأن في قتلها تعديًا على الجنين، والجنين ليس له ذنب فتترك حتى تلد.
وكذلك القصاص في الأطراف كما في قوله تعالى: وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ إلخ المائدة: 45 فلو حكم بقطع يده أو أنفه ونحو ذلك وكان في ذلك تعريض له للهلاك وفيه خطر على نفسه فلا تقطع يده أو رجله أو أنفه إلا بعد الأمن من التعدي.